لم يرد ذكر مادة في كتاب الله بتعداد ما ذكر الماء، فلقد
ذكره الحق تبارك وتعالى في ثلاثة وستين موضعا في القرآن الكريم وباركه
سبحانه وتعالى فجعل منه صور الحياة كلها ’’وجعلنا من الماء كل شيء حي ’’
الآية 30-الأنبياء.
تأتي أهمية الماء للإنسان بعد الأكسجين مباشرة فالإنسان
يحتاج بضع لترات منه يوميا بالإضافة الى استخدامه في العديد من الأنشطة
التي يقوم بها كالطهي والتنظيف ….الخ ، لذا لابد من أن يكون هذا الماء
نقيا نظيفا في حدود معقولة و إلا أصيب الإنسان عن طريقه بكثير من الأمراض
والأضرار.فالماء يبقى أهم ناقل للأمراض الوبائية وخاصة في البلدان النامية
حسب ما اوردته تقارير الأمم المتحدة.
في مدينة نواكشوط منذ الاستقلال تعود السكان على استخدام
مياه جوفية ذات طابع معدني مستخرجة من بحيرة الترارزة الجوفية تنقل عبر
انابيب من بلدة اديني في مقاطعة واد الناقة الى خزانات في نواكشوط توزع
بعد ذلك عبر انابيب تغذي جميع مقاطعات العاصمة بالمياه ومن ثم يستخدمها
المواطن في احتياجاته اليومية.
وحرصا من الجهات المعنية على المخزون المائي الجوفي تقرر
استغلال المياه السطحية المتوفرة لدى البلد (مياه نهر السنغال) و احلالها
محل مياهنا الجوفية المعدنية. وتم اعتماد مليارات عديدة لتمويل مشروع آفطوط
الساحلي واكتمل انشاؤه لكن عدة تساؤلات بقيت عالقة في ذهن المستهلك تسببت
في احداث مخاوف وهواجس كثيرة لديه ، فعلى ضفتي النهر تمارس انشطة زراعية
معتبرة يتم خلالها استخدام مخصبات التربة ومبيدات الآفات الزراعية بصفة
عشوائية دون اللجوء الى الأخصائيين في المجال.
يقول المتخصصون في هذا المجال أن هذا التخوف وارد جدا لأن
هذه المواد ذات خطورة عالية جدا على صحة المستهلك ’’ الفشل الكلوي ،
السرطانات…الخ .’’ ،وحتى هذه اللحظة لم تتم طمأنة المواطن من قبل الجهات
المعنية بإعطائه معلومات دقيقة من خلال اجراء الفحوصات اللازمة لهذه المياه
تفيد خلو المياه من مثل هذه المواد الضارة. فبالرغم من الرقابة المكثفة
التي يقوم بها المعهد الوطني للبحث في مجال الصحة العمومية إلا أن هذه
الرقابة لا تشمل حتى الآن مثل هذه المواد التي يتطلب اجراء فحوصاتها معدات
وتقنيات متقدمة.
ونتيجة لهذا التخوف تلجأ الطبقة المتوسطة ذات القدرة
المالية الى استخدام المياه المعدنية المعبأة في موريتانيا. اذ أن تلك
المياه يلجأ إليها الكثيرون باعتبارها آمنة أو على الأقل بلا مخاطر. مما
ادى الى اقبال المستثمرين على توجيه استثماراتهم في انشاء و تركيب مزيد من
مصانع تعبئة المياه ، وصل اجمالي المصانع في البلد الى ما يزيد على العشرين
مصنعا تتم تعبئة المياه فيها بطريقة تقليدية وفي غياب تام لطاقم متخصص في
المجال وأغلبيتها إن لم أقل كلها لا تمتلك مختبرات لمراقبة منتجاتها وهو
أمر غير مقبول حيث تجرمه القوانين المنظمة لطريقة عمل هذه المصانع ، هذه
التعبئة العشوائية ينجم عنها تلوث جرثومي يشكل خطورة على المستهلك( وخاصة
الرضع والمرضى).
في شهر يونيو الماضي اصدرت الوزارة المعنية أمرا يلزم
جميع الشركات المستثمرة في المجال باستكمال ملفاتها ، ومن ضمن الملف نتائج
الفحوص الفيزيوكيميائية والجرثومية وأعطتهم مهلة لا تتجاوز الشهر. مصانع
لا يتجاوز عددها أصابع اليد استجابت لهذا الأمر ، والبقية لم تعبأ له و
واصلت انتاجها للمياه ذات الجودة الغامضة.
ان غالبية مستهلكي المياه المعدنية لديهم قناعة راسخة
مفادها أن المياه المعدنية المحتواة في باطن الأرض لا يمكن أن تشكل خطرا
على حياتهم.
إن هذه القناعة خاطئة لأن هذه المياه أثناء سحبها من باطن
الأرض و أثناء تخزينها في الخزانات وتعبئتها تتعرض للتلوث الجرثومي و الذي
يشكل خطرا على المستهلك وخصوصا الرضع والمرضى الذين يعتمدون على هذه
المياه في تغذيتهم.
ان هذا التلوث لا يمكن للمستهلك اكتشافه بحواسه اذ لا يظهر إلا من خلال الكشف عنه بواسطة المختبرات المتخصصة في المجال.
في هذا الوضع بقي المواطن الموريتاني المسكين حائرا بين
مياه معدنية معبئة بشكل عشوائي قد تكون ملوثة جرثوميا، وبين مياه نهر
السنغال هي الأخرى لا يمكن تبرئتها من التلوث الكيميائي.
انطلاقا من ذلك يجد المواطن العادي نفسه امام عدة تساؤلات أهمها:
1_ لما لا يقوم المعهد الوطني للبحث في مجال الصحة
العمومية بإجراء فحوصات للتأكد من سلامة مياه آفطوط الساحلي من المخلفات
الزراعية وذلك بإرسال عينات إلى الخارج (مع العلم أن هذه الفحوص غير مكلفة
ماديا) اذا كان المعهد عاجزا في الوقت الحالي عن اجرائها في البلد.
2_ لما لا تقوم كل من وزارة الصحة و وزارة التجارة
والصناعة بمعاقبة المصانع الممتنعة عن استكمال ملفها بإجراء الاختبارات
والفحوصات الدورية لعينات من مياهها المعبأة طبقا للنصوص والقوانين المنظمة
لهذا القطاع، وكذا المصانع التي أظهرت فحوصها عدم الالتزام بقواعد سلامة
مياهها المعبأة.
3_ لما لا تقوم جميع الشركات المصنعة للمياه المعدنية بإطلاع زبائنها على مدى جودة مياهها حتى يزول الشك الذي يراودهم.
في غياب تام للأجهزة المكلفة
بالرقابة على صلاحية المياه الموجهة لاستخدام المستهلك سواء المعبأة منها
أو مياه النهر. و مع تعنت اصحاب المصانع ورفضهم للانصياع لمعايير الجودة
وعدم توفر مصانعهم على مختبرات لإجراء الفحوصات الدورية اللازمة لضمان
سلامة المياه من التلوث.وفي ظل صمت تام للمنظمات والهيئات المهتمة بحماية
المستهلك على الجميع كل من موقعه ان يسعى الى اظهار حقيقة هذا المشكل
لإيجاد حلول سريعة له.
تنبيه:
تتعهد آخر خبر بنشر المزيد من التفاصيل والتحقيقات حول القضايا التي تلامس اهتمام المواطن .
كما تتعهد للراغبين من الشركات المصنعة للمياه المعدنية بنشر نتائج فحص مياهها لإظهار مدى جودتها للمواطن و كرد على هذه الافتتاحية.
شبكة آخر خبر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق