وأنت الزائر للمفتشية الجهوية للشغل في مدينة نواذيبو ستصدم عندما تكون في استقبالك بناية تعود إلي زمن الإستعمار الفرنسي مشيدة في حي اكراع النصراني الراقي , بالقرب من البناية يوجد الجرف الذي حفرت فيه القوات الفرنسية أيام الحرب العالمية الثانية مغارات لتخفي داخلها المعدات والماكنات الثمينة خوفا عليها من هجوم الطائرات الألمانية, وهو سبب إطلاق "حي الغيران" على الحي المجاور لحي اكراع النصراني .
سمعنا روايات إعلامية عن مقر المفتشية الجهوية للشغل إلا أن الصورة التي
صدمتنا ونحن نقوم بزيارة خاطفة للمقر أثبتت لنا مكانة العامل الموريتاني لدى
الدولة الموريتانية, المنظر المزري لمدخل المفتشية, والأبواب المهترءة ,والسقف
المتآكل من الزنك الذي صار كالغربال, كلها أكدت لنا أن العامل الموريتاني أو
الإنسان الموريتاني لاقيمة له عند السلطات الموريتانية. داخل المفتشية عندما تقوم
بجولة سريعة تظن أنك داخل كواليس أحد أفلام الرعب الآمريكية ,جدران بالية أبوب
تحمل أقفال من "زمن هارون الرشيد" وكأن الدولة لاتعيش القرن الواحد
والعشرية .
المفتشية بلاحارس ولا بواب ولاأوني شاي أوقهوة كأن العاملين فيها
ملائكة"حاش لله", طبعا الملفات التي ضبطت عند المخالفين ستكون في خطر
والعمال لن يشعروا بأهمية مايقومون به من عمل إن كانت الأبواب غير موصدة في وجه
الأغنام أحرى في وجه اللصوص, الأكيد أن هناك أجهزة باهظة الثمن إضافة إلى مكاتب
رقية لكن الغبار الموجود في كل مكان والنوافذ الكرتونية تجعلك أمام مشهد رهيب.
الإهانة هنا ليست موجهة إلى عمال المفتشية بقدر ماهي موجهة إلى جميع العمال
الموجودين على التراب الموريتاني وحتى الذين يقدمون شكاية من هذه الشركة أو تلك في مدينة الشغل سيصابون
بخيبة أمل لدى زيارتهم للمفتشية , نعود إلي المبنى يبدوا أن عمال المفتشية خوفا من
أن يضيع الزائر قاموا بإلصاق أوراق علي مدخل المفتشية كي يطمئن الزائر أنه في
زيارة للمكان الصحيح كبادرة من العمال الذين لم يجدوا بدا من الإستسلام للأمر
الواقع والعمل في مكان لايصلح أن يكون إسطبلا للحيوانات أحرى أن يكون مقر عمال
عليهم حراسة رجال أعمال نحن أدرى بحقيقتهم , بالوقوف علي هذه الحال المزري لا
أستبعد أن يكون المفتش مرتشيا أو متقاضيا عن فساد المؤسسات وبالتالي سينتشر ظلم
العامل وأكبر دليل علي ذلك ضرب عرض الحائط بالإتفاقيات السابقة المبرمة بين
الجرنالية ورجال الإعمال التي لم ينفذ معظمها علي أرض الواقع بل مازالت حبرا علي
ورق.
خلاصة الزيارة أنه لاتوجد مفتشية للشغل في العاصمة الإقتصادية وبالتالي لن
توجد عدالة يتمتع بها العمال وسيظل الظلم حليفهم في قادم الأيام ما لم يتغير
الحال...
أحمد ولد محمد سالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق