الفيطمة فتاة من الريف سمراء البشرة جميلة الملامح لها وجه ذو ابتسامة مشرقة وعيون واسعة براقة تملؤهم البراءة و الذكاء. كانت الفيطمة تدرس في الابتداية في قريتها الصغيرة ام لبير كانت مدرستها عبارة عن بيت من الطين له سقف من الخشب كما كانت البنت الوحيدة التي تدرس من القرية لذا كن صديقاتها ينعتنها باحمد راجل لحفظها للقران وهي في سن الثامنة من عمرها بينما باقي اهل القرية يصفونها بالطفلة الغريبة التي تركها اهلها لتختلط بالرجال مع انهم اسرة محترمة ومحافظة واهل جاه وعلم! والرجال في نظر اهل القرية هم الاولاد اصحاب السابعة حتى الثانية عشر وذالك بحكم ان الفصل واحد حيث يختلط فيه جميع الاعمار والمستويات لكنها كانت اكبر من الجميع في الفصل واذكاهم. عمرها ثلاثة عشر عام و طموحها ان تدرس وتاخذ كنكور وهو شهادة ختم الدروس في الابتدائية لتنتقل من القرية للمدينة وتاخذ الباكلوريا لتكمل دراستها في الجامعة في العاصمة انواكشوط لا بل كان طموحها اكبر من ذالك كانت دائما تقول ساكون اول عالمة شنقيطية في السعودية وساخذ دكتوراه في العلوم الاسلامية منها كما كان والديها يساعدانها على طموحها وخصوصا امها لالة السيدة الفاضلة . و عندما رأى معلمها وهو شاب في الثلاثينيات من عمره ذكائها اصبح يساعدها باعطائها الكتب والمراجعة وفعلا كانت ذكية وسريعة الفهم والحفظ ،امتحنت في كنكور وهي تنتظر النتيجة شاء القدر ان يغير حياتها واحلامها وتعيش مالم تكن تتوقعه قط!!
في ليلة مظلمة بعث الله مطرا وجاء للقرية طوفان لم يكن متوقع لذا خرجت مسرعة للمدرسة التي لاتبعد عن بيتها عشرة امتار لتاخذ الكتب خوفا عليهم من البلل وحبا لها فيهم وفي دراستها. اخذت كل شيء وخرجت مسرعة ولكنها تذكرت انها تركت المصحف الشريف في طيات صقف البيت الذي كان عبارة عن الغش والخشب وفي عودتها تفاجأت بمعلمها وهو ايضا ياخذ كتبه ويطمأن على المدرسة وعندما رأته قالت وبكل براءة الحمد لله على انك هنا لتساعدني في اخذ المصحف لأن الفصل مظلم واخبرته بمكانه.
بعد لحظه نادى لها بحجة عدم الوصول اليه ولما دخلت انقض عليها مثل الاسد واغتصبها! مع قوته ومحاولته لتسكيتها الا انها كانت تصرخ ولكن بسبب صوت الرعد والمطر وظلمة الليل لم يسمعها ولم يراها احد لتفيق بعد ذالك على ماهي عليه و يضيء لها البرق لترى وجهه القبيح امامها و باحدى يديه ثيابها وبيده الاخرى المصف الشريف. بعد ثلاثة شهور من الحادثة بان عليها الحمل لتبدا المشاكل بين اباها وامها ويبدأ كل منهما يتهم الاخر بالتقصير الاب يتهم الام بوضعها في المدرسة والام تتهم الاب بتقصيره في تربيتها وينتهي بها المطاف مخبأة في جانب آخر من المدينة بحجة ان المدرسة قد بدات وهي نجحت بتوفق وستدرس الاعدادية هناك.
كانت فيطمة تتألم نفسيا وجسديا ! كانت ترى المدينة التي كانت تحلم بالدراسة فيها وترى التلاميذ بل تسمع صوتهم لحكم سجنها في بيت معزول وتحلم وتتخيل نفسها معهم لتستيقظ من حلمها وخيالها بسبب ركلة من ركلات جنينها في بطنها ناتجة عن الضرب وسوء التغذية لانه لم يكن هناك من يهتم بها بل كانت تاخذ كل ليلة ساعة من الضرب المبرح عقابا لها علي "غلطتها" وربما محاولة لإسقاط الجنين!
في ليلة من ليالي البوئس اخذ فيطمة الطلق جائت لحظة الولادة التي ستحدد مصيرها، لتضع ولدها والذي في لحظة ولادته التفتت عليه لتراه بين يدي امها السيدة الفاضلة الحنونة التي تحولت في تلك اللحظة الي وحش قاسي وقطعت اوردة الوليد قبل ان يلتقط انفاسه الاولي بنفس السكينة التي قطعت بها الحبل السري ورفعت وجهها وعليه ابتسامة عرجاء بائسة ثم قالت بصوت خافت وجاف وضعتيه ميتا والحمد لله.
عاشت فيطمه ايام مرعبة ترى كل يوم اصعب لحظات حياته! اصبح كل صوت وكل شيء وكل شخص يذكرها بما تعرضت له بل اصبحت عندما ترى التلاميذ والمعلمين وحتى الصغار تصرخ وتبدا بالبكاء وتبكي اكثر عندما ترى امها وهي تبتسم للجميع وتقول الطفلة مجنونة اصابها جن في القرية! ظلت اسابيع على تلك الحالة حتى جاء والدها بابن عمهم "قراي للواح" الذي كان يكبر اباها بعشرة سنين وزوجها له! اخذها لمرابط الى العاصمة حيث كان يسترزق هناك من تدريس القران والسيرة الفاضلة لأبناء حي تفرق زين.
ولكن حياتها معه لم تستقر كانت تمتنع عن معاشرته لذا كان ينهال عليها ضربا وفي كل ليلة تحاول التسلل والهرب حتى انها حاولت الانتحار اكثر من مرة لكنها فشلت ! وفي ليلة من الليالي وهو في هجومه عليها ليعاشرها كعادته رأت فيه عيون معلمها لحظة اغتصابها فانهارت عليه وضربته بعصاه الذي كان بجانبها فسقط مرميا فاقد للوعي وهربت !
خرجت من عنده وهي لا تعرف الى اين تذهب كان الوقت متأخر وهي تركض وصلت الى الشارع الرسمي الذي كان خالي مع كثرة الاضاءة وهي تلتف لتبحث عن مكان تختبؤ فيه تفاجأت بشهيق حمار ربطه صاحبه بعمود خيمة داخل في خريبة . دخلت الخريبة لينهرها صوت رجل طارت من الفزع لانها اصبحت اكثر شيء تخاف منه في حياتها البشر. خرج الرجل عليها مسرع ومسكها قبل ان تهرب! وهي ترتعش وتتوسل له ان لا يلمسها وضعت زوجته يدها على راسها وقالت اسكتي يا ابنتي لا تخافي نحن هنا لحمايتك لم تكن تصدق ما تقوله لها السيدة وبعد ان سقاها الرجل واضاء لها شمعته لترى زوجته واولاده السبعة صغار نيام تحت خيمة من القماش بجانب الحمار بدات تطمئن لهم وحكت لهم كل شيء حتى انها توسلت لهم ان لا يخبرو الشرطة وانها ذاهبة في الصباح ! وكل ما تريده تخبأتها....!رفضو وطردوها خوفا من المشاكل ماذنبهم ما دخلهم!
خرجت وبعد رحلة شاقة مليئة بالمعاناة وصلت الي اخديجة قريبة لها كانت قد سمعت انها تعيش في قزرة في عرفات اخديجة احدي بائعات الهوي المشهورات في المقاطعة نزحت هي الاخري من القرية لاسباب مشابهة قبل ولا دة فطيمة ، المهم انها استقبلت الصيد الثمين بصدر رحب لانه سيضيف مزيدا من التشعشيع للقرزة علمتها التجارب الكثير من الوقاحة والصراحة فأخبرت ضيفتها الصغيرة من اول يوم انه لا مجال في القزرة للشرف والاخلاق والكلام الفاضي وقالت لها: نحن هنا بائعات هوى ادخلي للعبة اعدك بالكسب والمال و الراحة ،لا تريدين الدخول في اللعبة القزرة ليس لها باب وخديجة ليس لها قريب ولا صديق خارج للعبة! كان من السهل اقناع صغيرة في عمر الخمسة عشر تخلى عنها اقرب الناس لها ولم ترى في حياتها سوى الويل و مرارة الحياة !
عاشت الفيطمة في القزرة مع هذا وذاك تماما كما تفعل اخديجة بالفتيات لتعيش فتاة الليلة في العاصمة التي كانت تحلم و تتمنى ان تكون فيها فتاة الجامعة ! عاشت على تلك الحالة شهور قليلة حتى بعث الله لها سعدهم وهو من اقدم زبناء اخديجة جنرال في الجيش الذي تعهد لها بجواز سفر مزور وفيزا للسعودية مقابل ليلة من ليالي الشموع الحمراء كما تطلب منه اخديجة دائما للفتيات التي تتاجر بهن في السعودية!
ذهبت الفيطمة الى السعودية التي كانت تحلم بان تكون فيها العالمة الشنقيطية لتصبح "اللحلاحة" الشنقيطية تحت اسم مستعار حيث لا احد يعرفها هناك هكذا تعلمت من معاشرة اخديجة الخداع والتخفي! وفي ليلة من ليالي الشقاء مسكوها شرطة الاداب في حالة سكر ودعاره سجنت بتهمتهم واخذت اعدام وقبل تنفيذ الحكم بيوم جائها مأمور السجن ليخبرها بان تستعد فغدا آخر يوم لها! أبتسمت وقالت له : لست انا من من يخاف الموت فقد مت قبل هذه المرة مرار وتكرارا مت وانا افقد شرفي باغتضاب معلمي لي وهو يحمل المصحف الشريف في يده! و مت وانا اضرب كل ليلة ويمنع عني الاكل والشرب والسبب ذنب لا دخل لي به مت وانا ارى امي تقتل قطعة مني في اول شهقة له في الحياة ومدت وانا ارى ابي يرميني في حضن عجوز ليغتصبني هو الاخر تحت شعار الزوج ! مدت عندما لم استطع مواجهة المجتمع فاصبحت مثلهم في السوء وسلمت نفسي للقذارة والوساخة لاهاجر لبيت الله الحرام واقترف السكر والزنى على راس رسوله ! يا سيدي خلق الله الموت ليكون راحة لعباده ! الحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه ساموت وارتاح من الظلم والقهر وكفر ونفاق المجتمع و اذهب لرب كريم غفور رحيم.
ماتت فيطمة وظلت اخبارها يتداولها الشارع والمواقع الاجتماعية والاخبارية الكل يسأل عن الفتاة الساقطة التي حكم عليها بالاعدام في السعودية وكل منهم يألف قصة على هواه ويرميها بما جاء لحظتها على لسانه ! وبقى المعلم حر طليق و الاب يتباها بشرفه في القرية والام تعطي دروسا في الحرام والحلال ومازال زوجها يبحث عن قاصر اخرى ليتزوجها حتى ولو كانت بلا شرف واخديجة تبحث عن فتاة اخرى لتتاجر بها والجنرال يشتري الليالي الحمراء بمال واوراق الدولة و ميئات الفتيات يتم تهريبهن للسعودية.
هناك تعليق واحد:
ماهذا المقال المؤلم !
إرسال تعليق