
لكن يبدوا أن ما يعيشه
اليوم الحراطين بانواذيبو مناف لما ينبغي
أن يكون , فلا زالوا يعيشون
كما كانوا أشد الأوضاع بؤسا , ومع
ذلك الكل عديم الإحساس لا يسمع ولا يرى , ولا يحس بأي شيء من حوله , فها هي
انواذيبو تعيش "الحرام الاجتماعي " بأبشع صوره طبقة اجتماعية
تمثل السواد الأعظم من مكونات سكان المدينة الاقتصادية مع ذلك حُكم على أفرادها أن
يظلوا وقودا يحترق من أجل الآخرين , مستمرة بذلك حلقات الظلم وعدم العدالة في حقهم , في ظل حصاد قلة لعائد الدولة واستمرار الفساد
الاجتماعي , فهل يستحق الحراطين بانواذيبو
أن يعيشوا بلا حياة وبلا كرامة وبلا إنسانية في مدينة يمثلون أزيد
من 40 % من سكانها ؟, فما يجري هنا في انواذيبو أن هنالك طبقة تنتج بجهدها بعرقها وآخرون يجمعون
هذا الإنتاج بل
ويعملون بين فينة وأخرى
على محاولة خنق
رجال الأعمال الحراطين الصاعدين
وما أزمة بيع
السمك نهاية 2012 المفتعلة إلا
صورة تعكس بجلاء
هذه الحقيقة إذ عمد المتنفذون
على خلق أزمة
بيع سمك هدفها
الورائي تحجيم الصاعدين
من رجال أعمال الحراطين , وما
يتواصل الآن جريانه من
عمليات مفتعلة لا تخدم الوئام
الاجتماعي بالعاصمة الاقتصادية بل
مصدر لزعزعته وتقسيمه
, فمن غير المنطقي
أن يحاول البعض
أن يُقنع جمع الحراطين أن الفقر
المدقع الذي يعيشه سوادهم
الأعظم نظام لحالة طبيعية
, متناسيين أننا لا نستطيع إقامة نظام اجتماعي ما لم
تكن هنالك عدالة
حقيقية لا تتجزأ بشتى صورها
اقتصادية سياسية .... الخ ,
وأن تراكم الثروة القائم بانواذيبو ساهم
في تحديد مصدر
القوة بالمدينة , فأفراد من
قبيل واحد يسيطرون
على مدينة بكاملها , وستفرض بالحتم
حتمية الصراع الطبقي
القائم الإطاحة بالمتنعمين بالمال
من طرف المحرومين , ويلحظ المتابع لبرنامج
المنطقة الحرة مدى
الغبن الاجتماعي القائم
والسيطرة المحكمة للبيضان
على شرايين الاقتصاد , بل وصلت لحد
أن أطلق البعض على منطقة انواذيبو الحرة " منطقة البيضان الحرة " ,
فالدولة تصر على
الاستمرار على السير عكس
العدالة الاجتماعية العادلة وما التراكم للثروة لدى
رجال الأعمال البيضان
إلا نتيجة منطقية
لهذا الإصرار , إذ عملت
الدولة على تكوين
وخلق طبقة من رجال
الأعمال البيضان بإقصاء ممنهج
ومقصود لوجود رجال أعمال
الحراطين .
وبجملة
هنالك ظلم وإجحاف
بحقوق الحراطين المادية
والمعنوية و يوجد فرق شاسع في
نظام توزيع الثروة
بانواذيبو فلا تزال الدولة بمكانتها الاقتصادية عاجزة
عن تكوين طبقة
من رجال أعمال الحراطين
مرادفة للموجود من
رجال أعمال البيضان
القائمين منذ نشأة
الدولة إلى اليوم , ولم يكن بذلك الحراطين
اليوم في انواذيبو أحوج من احتياجهم
للعدالة الاجتماعية , بل إنهم أكثر خوفا
على مصيرهم المجهول , والدولة
اليوم بحاجة لطمأنة وإعادة الأمل
المستقبلي لهم , حتى يكون
حاضرهم أكثر ضوئية من
ماضيهم السيء بشتى المقاييس المليء بالظلم والاضطهاد والغبن
, فمن الغير المقبول
استمرار واقع الغبن بانواذيبو
في كل المستويات والمجالات
, حتى عندما نمعن النظر
نجد أن مسلسل الظلم
المطبق على الحراطين يستمر
نزيفه وتزداد مأساته
المفجعة الظالمة وإن بطرق
جديدة .
على ما يبدوا قدر
الأغلبية الساحقة من الحراطين أن تبقي
مهمشة ومغيبة بين أتون السياسة وصراعات الساسة , وتغذي النخب السياسية والحزبية
على مطالبهم العريضة وتناورها فيما بينها بهمومهم ولعبها بورقتهم على رقعة شطرنج
الطموح السياسي الشخصي .
لنعترف ولو كان
الاعتراف مرا ومؤلما , أن المجتمع اللاعادل لا يصنع وفاقا وطنيا ولو طال به الزمن ,
وأي نظام ينتهك حرمة
العدالة الاجتماعية عليه أن
يتوقع النتائج الوخيمة
على مستوى هذا الانحراف
الاجتماعي.
فمن يضح حدا للوضع الاقتصادي المفجع
الذي يعيشه الحراطين بانواذيبو؟؟؟
المعلوم أوبك همدي
almaloum@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق